تسونامي الذكاء الاصطناعي: أكثر من 50 مليون وظيفة في الولايات المتحدة والمكسيك ستُستَهلَك خلال عام واحد

50 مليون وظيفة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة والمكسيك في العام المقبل. وهذا ليس خيالاً علمياً ــ بل هو الواقع المرير الذي كشفت عنه دراسة رائدة أجراها بنك التنمية للبلدان الأميركية.

 

التحول الجذري للذكاء الاصطناعي: ملايين الوظائف في مرمى النيران

ويحذر إريك بارادو، كبير خبراء الاقتصاد في بنك التنمية للبلدان الأمريكية والمشارك في تأليف الدراسة، قائلاً: "إننا نواجه ثورة صناعية هائلة. إنها ليست موجة لطيفة من التغيير ـ بل إنها أشبه بتسونامي يوشك على الانهيار فوق سوق العمل".

 

يرسم مؤشر التعرض المهني المبتكر الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي التابع لبنك التنمية الدولي صورة للاضطرابات الوشيكة:

  • في الولايات المتحدة: من المتوقع أن تسيطر الذكاء الاصطناعي على 43 مليون وظيفة خلال عام واحد، ثم ترتفع إلى 70 مليون وظيفة خلال عقد من الزمن.
  • في المكسيك: 16 مليون وظيفة تواجه خطر التعطل الوشيك، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 26 مليون وظيفة خلال عشر سنوات.
  • على الصعيد العالمي: سوف تشعر 980 مليون وظيفة -أي 28% من القوى العاملة في العالم- بهزات الذكاء الاصطناعي خلال 12 شهراً.

ولكن يجب التمسك بالخوذ الواقية ــ فالأمر لا يتعلق فقط بفقدان الوظائف. ويوضح بارادو: "هذه الأرقام لا تترجم مباشرة إلى إشعارات بالفصل من العمل. بل إنها بمثابة ضوء تحذير أحمر وامض يشير إلى أن شريحة واسعة من المهن تتزلج على جليد رقيق. ونحن في احتياج إلى التحرك الآن لتحويل هذه الأزمة المحتملة إلى فرصة".

 

 

ثورة الذكاء الاصطناعي: أسرع، وأكثر شراسة، وأكثر تركيزًا على النساء

وعلى النقيض من وتيرة الثورات الصناعية البطيئة في الماضي، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي من المتوقع أن ينفجر بسرعة هائلة. ويؤكد بارادو: "هذه ليست الثورة الصناعية التي شهدها أجدادنا. فنحن نتحدث عن نمو هائل، مما يترك لنا القليل من الوقت الثمين للتكيف. وأبحاثنا هي دعوة واضحة لاتخاذ إجراءات عاجلة".

 

وفي تطور يهدد باتساع الفجوة بين الجنسين، تجد النساء أنفسهن في الخطوط الأمامية لهذا الهجوم الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي. وتكشف الدراسة أن نسبة النساء (40%) أعلى من الرجال (38%) يشغلن أدوارًا معرضة لخطر أتمتة الذكاء الاصطناعي، وخاصة في المناصب الإدارية والداعمة.

 

ويحذر بارادو قائلاً: "إننا نواجه أزمة محتملة في النوع الاجتماعي في إطار أزمة الذكاء الاصطناعي. ويتعين على صناع السياسات أن يضعوا هذه الفجوة في مقدمة أولوياتهم أثناء صياغة الاستجابات".

 

 

التعليم: الحل السحري في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي

مع تهديد الذكاء الاصطناعي باستغلال الوظائف في مختلف المجالات، يبرز عامل واحد باعتباره المعادل الأعظم: التعليم. وترسم نتائج الدراسة صورة واضحة ــ فكلما ارتفع مستوى التعليم، كلما انخفض التعرض للاضطراب الناجم عن الذكاء الاصطناعي.

 

ويؤكد بارادو أن "التعليم ليس مجرد ميزة في هذا المشهد الجديد، بل إنه بمثابة درع. ونحن نطالب باستثمارات ضخمة في التعليم وبرامج إعادة التدريب، مع التركيز بشكل خاص على المهارات التي تكمل الذكاء الاصطناعي بدلاً من التنافس معه. والتفكير النقدي، والإبداع، والذكاء العاطفي ــ هذه هي الأسلحة التي نحتاج إليها لتسليح القوى العاملة لدينا".

 

 

المهن التي لا يمكن الاعتماد عليها في الذكاء الاصطناعي: من الرياضيين إلى رجال الإطفاء

ورغم أن أي وظيفة لا تتمتع بالحماية الكاملة من تأثير الذكاء الاصطناعي، فإن بعض المهن تشكل جزراً من الأمان النسبي في بحر من التغيير. وتبرز المهن الرياضية والمدرسون ورجال الإطفاء باعتبارها من أكثر المهن "مقاومة للذكاء الاصطناعي"، حيث تعتمد أدوارهم بشكل كبير على الصفات البشرية الفريدة التي يكافح الذكاء الاصطناعي لتقليدها.

 

ولكن حتى في المجالات المستقرة تقليديا مثل الطب، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي يتفاوت بشكل كبير. ويشير بارادو إلى أن "أخصائي الأشعة قد يجد نفسه في مرمى نيران الذكاء الاصطناعي، في حين قد يتنفس عالم النفس أو جراح الفك والوجه الصعداء".

 

 

نداء إلى حمل السلاح: الاستعداد للهجوم العنيف من جانب الذكاء الاصطناعي

الرسالة التي يبعث بها البنك الدولي للتنمية واضحة: ثورة الذكاء الاصطناعي ليست تهديدًا بعيدًا، بل هي حقيقة وشيكة. ويتعين على الحكومات والشركات أن تتحرك بسرعة وحسم للتعامل مع هذا التحول الهائل.

 

وتشمل التوصيات ما يلي:

  • تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي من خلال تأمين قوي للتوظيف وإعانات انتقالية
  • تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي
  • دعم الشركات الصغيرة في تبني الذكاء الاصطناعي
  • تقييمات منتظمة ودقيقة لسوق العمل المتطور

 

ويختتم بارادو حديثه قائلاً: "لا يتعلق الأمر فقط بتجاوز العاصفة، بل يتعلق بتسخير قوتها. ومع الاستعداد المناسب، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبشر بعصر من الإنتاجية والابتكار غير المسبوقين. ولكن لا تخطئوا - لقد حان الوقت للتحرك الآن. فمستقبل العمل معلق في الميزان".

 

في حين تستعد الذكاء الاصطناعي لإعادة صياغة قواعد التوظيف، هناك أمر واحد مؤكد - الرضا عن الذات ليس خيارًا. يقف العالم عند مفترق طرق، والاختيارات التي يتم اتخاذها اليوم سوف تتردد أصداؤها عبر الأجيال القادمة.

 

 

 
 

#buttons=(Accept !) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. يتعلم أكثر
Accept !